هل اخطأ بن خلدون حين قال : العرب أمة وحشية !!
ايضا مقولة " عرّبها خربها " رددها بن خلدون بصيغ مختلفة في المقدمة الأكثر من رائعة و التي تعتبر تحفة ادبية و اجتماعية و اقتصادية و سياسية و دينية و فنية .
انا انقل و بكل أمانة ما قاله العلامة بن خلدون في مقدمته و التي قراتها و قرأتها و في كل مرة اعود و اقرؤها. و لا اخفيكم أنه لم يسبق لي ان قرأت لانسان اكثر من عشر مرات كما قرأت لابن خلدون . رحمه الله و رضي عنه و جزاه عنا خير الجزاء .
البعض قد لايعجبه ماكتبه بن خلدون و خاصة الفصول التي تحدث فيها عن طبيعة العرب و قسى عليهم بعض الشيء فيها . ولانني مقتنع تماما بما جاء به بن خلدون رحمه الله وهو يصف العرب فاحببت ان اضع بين ايديكم ما قاله مؤسس علم الاجتماع في حق العرب , وبكل امانة قارنوا بين كلام الرجل الذي يعود لمئات السنين و بين واقع الحال اليوم .
ملاحظة : انا انقل من مقدمة ابن خلدون الطبعة الاولى لدار الكتب العلمية بيروت - لبنان 1993 : .
في الفصل السادس و العشرين صفحة 118 و تحت عنوان " في أن العرب اذا تغلبوا على أوطان أسرع اليها الخراب " يقول بن خلدون :
" والسبب في ذلك انهم امة وحشية باستحكام عوائد التوحش واسبابه فيهم فصار لهم خلقا و جبلة , وكان عندهم ملذوذا لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم , و عدم الانقياد للسياسة . هذه الطبيعة منافية للعمران و مناقضة له . فغاية الاحوال العادية كلها عندهم الرحلة و التغلب و ذلك مناقض للسكون الذي به العمران ومناف له ".
وفي آخر هذا الفصل يقول :
" وايضا فهم متنافسون في الرياسة , و قل ان يسلم احد منهم الامر لغيره ولو كان اباه او اخاه او كبير عشيرته , الا في الاقل و على كره من اجل الحياء , فيتعدد الحكام منهم و الامراء , و تختلف الايدي على الرعية في الجباية و الاحكام , فيفسد العمران و ينتقض . قال الاعرابي الوافد على عبد الملك لما سأله عن الحجاج و اراد الثناء عليه عنده بحسن السياسة و العمران فقال( تركته يظلم وحده )).وانظر الى ما ملكوه و تغلبوا عليه من الاوطان من لدن الخليقة كيف تقوض عمرانه , و اقفر ساكنه , و بدلت الارض فيه غير الارض : فاليمن قرارهم خراب الا قليلا من الامصار , و عراق العرب كذلك خرب عمرانه الذي كان للفرس اجمع , و الشام لهذا العهد كذلك , و افريقية و المغرب لما جاز إليها بنو هلال و بنو سليم منذ اول المائة الخامسة و تمرسوا بها لثلاثمائة وخمسين من السنين قد لحق بها عادت بسائطه خرابا كلها , بعد ان كان مابين السودان و البحر الرومي كله عمرانا , تشهد بذلك آثار العمران فيه من المعالم و تماثيل البناء و شواهد القرى و المدر . و الله يرث الارض ومن عليها وهو خير الوارثين ".
أعجبتني حكاية الاعرابي هذا .....
وفي الفصل السابع و العشرون صفحة 118 و تحت عنوان :
( في ان العرب لا يحصل لهم الملك الا بصبغة دينية من نبوة او ولاية او أثر عظيم من الدين على الجملة ) يقول :
" والسبب في ذلك انهم لخلق التوحش الذي فيهم اصعب الامم انقيادا بعضهم لبعض للغلظة و الانفة و بعد الهمة و المنافسة في الرياسة , فقلما تجتمع اهواؤهم. فإذا كان الدين بالنبوة او الولاية كان الوازع لهم من انفسهم وذهب خلق الكبر و المنافسة منهم , فسهل انقيادهم و اجتماعهم , و ذلك بما يشملهم من الدين المذهب للغلظة و الانفة الوازع عن التحاسد و التنافس " .
لله درك يا بن خلدون فلقد أصبت كبد الحقيقة , فلو دققنا في التاريخ الاسلامي لوجدنا كل هذه الصفات المذمومة و الحميدة لدى العرب , فهم في حالة اجتماع كلمتهم على الدين كانوا احسن الناس ( الصدر الاول من الاسلام ) و حين يبتعدون عن الدين يتحولون الى وحوش اسوأ بكثير من كل امم الارض ( زمن ملوك الطوائف في اسبانيا - الدول العربية الحديثة ) .... فعلا هم وحوش حين يبتعدون عن الاسلام .
القوميون العرب لايحبون بن خلدون ( معظمهم على الاقل ) بسبب الفصول التي تحدث فيها عن وحشية العرب و تخلفهم عن بقية الامم حين يبتعدون عن الدين , لذلك تجد بعضهم يمدح بن خلدون و لكنه لا يأتي على ذكر هذه الفصول . و قد قرأت لبعضهم اعتراضات لم تقنعني على ماكتبه بن خلدون رحمه الله الذي في نظري اصاب حين وصف العرب بهذا الشكل .
اعذروني لانني كتبت بن بدل ابن و هذا لاننا في المغرب تعودنا على كتابتها بهذا الشكل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق