الأربعاء، 24 يناير 2018

تجارب دول قامت بتعويم عملتها على غرار تعويم المغرب لدرهم


1-النتج الكازاخستاني:
جاء تعويم النتج الكازاخستاني في أغسطس 2015 م ، حيث استهدف صناع القرار في البلاد التضخم والتخلي عن ربط عملتهم بالدولار ، والعمل علي سياسة نقدية جديدة ، وتعويم سعر صرف العملة المحلية ، لتتمكن كازاخستان من مجاراة الصين وروسيا جاراتيها وشريكاتيها التجاريتين ، وجاءت القرارات لضمان التوازن بين النمو واستقرار الأسعار وتفاديًا لتبديد احتياطات البلاد.

وكانت أولي تداعيات القرارات الإقتصادية التى أتخذتها كازاخستان أن هرع سكان البلاد إلي البنوك التجارية ومكاتب الصرافة متدافعين نحو شراء الدولار مما أدي إلي تراجعات وقتية في قيمة العملة الوطنية بنحو 26%، حيث بلغ متوسط سعر بيع العملة المحلية نحو 258 تينج للدولار الواحد ، أي بإرتفاع نحو 60 تينج عن سعر صرف العملة قبيل أيام من قرار التعويم ، لتصبح بذلك أكثر عملات العالم تقلبًا ، وهو الأمر الذي أدى بدوره إلي خسارة المستثمرين في كازاخستان خلال يوم واحد مايزي عن خُمس ودائعهم مما أجبر البنك المركزي الكازاخستاني لإنفاق 6% من الإحتياطي النقدي ، أي بما يعادل نحو 1,7 مليار دولار لتقلي الفارق السعري ، حيث انخفض لنحو 42% منذ ذلك الحين.

ولا يغب عنا أن القرارات الكازاخستانية كانت تسعى عبر قراراتها إلي تحقيق نوع من التنافسية لإقتصادها ، إلا أنه بالضرورة يولد كل تخفيض في العملة تخفيضًَا آخر ، ومن ثم أدت القرارات إلي انخفاض التينج الكازاخستاني بنحو 24% من قيمته في مواجهة الدولار ، مما دفع بالمركزي الكازاخستاني إلي السماح لقوي السوق بتحديد قيمة التينج.

ومما يدعو للتفاؤل أنه بعد هذه القرارت بعام واحد استقر التينج وارتفع الحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بحوالي 13% ل 31 مليار دولار.

2- المانات الأذذربيجانية :
جاء تعويم المانات في ديسمبر من العام 2015 إثر انهيار أسعار النفط ، حيث كان المركزي الأذربيجاني قد استخدم أكثر من ثلثي الاحتياطي النقدي لدعم العملة المحلية ، وهو الأمر الي أدي بدوره إلي زعزعة كبيرة في الإقتصاد الأذربيجاني علي الرغم كونها بلد غني بموارده النفطية.

قد نتج عن هذا التدهور الاقتصادي خروج المظاهرات المحتجة علي الأوضاع الإقتصادية ، بينما ارتفعت الأسعار بنسبة 4,4 % خلال شهر ديسمبر ، علي الرغم أن خسرت العملة الوطنية نحو 32% من قيمتها خلال الشهر ذاته.

وعليه أجبر واضعي هذه السياسات النقدية علي اتخاذ قرارات بتخفيض المانات الأذربيجانية في 21 من ديسمبر 2015 مما أدي إلي انخفاض قيم العملة منذ ذلك التاريخ بنسبة 39% وعليه فقد تدخلت السلطات لدعم العملة المحلية بعدما انخفضت لمدة ثلاثة شهور ، وهو ما أضطر البنوك لوقف أو الحد من مبيعاتها من الدولار.

وكالعادة فقد فضل الكثيرين الإحتفاظ بمدخراتهم البنكية بالدولار وليس بالعملة المحلية ، مما يعكس فشل السياسات الأذربيجانية في استعادة ثقة شعبه بعد تخفيض قيمة العملة بشكل كبير جدًا خلال العام الماضي، وهو الأمر الذي أدى إلي زعزعة الأسس السياسية في البلاد وأجبرها علي إعادة النظر في سياساتها الإقتصادية والخارجية.


3-البيزو الأرجنتينى:
جاء تعويم البيزو في ديسمبر 2015 ، حيث كان قد تم رفع القيود عن اسعار الصرف في 2011م ، وكجزء من برنامج الإصلاح الإقتصادى والذي استهدف بدوره جذب الاستثمارات ، ودفع عجلة النمو الإقتصادي.

وكعادة الأمور فقد انهار البيزو أمام الدولار بنسبة 27% فور قرار التعويم ،حيث بلغ سعر الصرف 15 بيزو للدولار ،بعدما كان سعر الدولار لايتجاوز ال 10 بيزوات بل ينخفض عنها قبيل يومًا واحدًا من القرار، ليصل إلي مايقرب من سعره في السوق السوداء والذي يتراوح بين 13,5 و 15 بيزو للدولار.

ولكن علي الرغم كل ماحدث من انهيار للبيزو إلا أن خطة سعر الصرف قد نجحت ، فتراجع التباطؤ منذ ذلك الحين ، وقل التعامل ضمن نطاق السوق السوداء للعملة ، وظهرت إشارات علي تراجع التضخم أيضًا ، وعليه انخفض تذبذب البيزو خلال ثلاثة أشهر ، ليصبح بذلك ضمن أقل المعدلات في أمريكا اللاتينية.

4-الروبل الروسي:-
جاء نتيجة غضب واشنطن وبروكسيل من المواقف الروسية ،وفرض العقوبات الاقتصادية عليها، وحرب النفط التي اشعلتها الولايات المتحدة الأمريكية ضدها، واستمرار نزوح رؤوس الأموال ، وقيام وكالة موديز العالمية بتخفيض التصنيف الإئتماني الروسي ، كذلك انخفاض أسعار النفط العالمية إلي مستويات قياسية ، مما خلق ضغط كبير علي العملة الوطنية الروسية ، مما أدى لخسارة الروبل الروسي حوالي 45% من قيمته الاقتصادية أمام الدولار ، ولاسيما بعد نشوب الأزمة الأوكرانية.

ولسوء الحظ بالنسبة لموسكو ، تترأس مشكلة العملة مجموعة من المشاكل المالية الأخري ، وخاصة مشكلة العجز في الميزانية اللذي تضخم إلي أعلي مستوياته منمذ العام 2010م ، في أعقاب الأزمة الأقتصادية العالمية.

وعليه ومع تفاقم أزمة الروبل الروسي ، أعلن المركزى الروسي خلال نوفمبر 2014، إلغاء الرقابة اليومية علي قيمة الروبل ، بما يسمح لها بالتداول بحرية وفقًا لآليات العرض والطلب ، ولوقف نزيف سعر الصرف.

ولكن وعلي الرغم من هذه القرارات إلا أن روسيا لازالت تعاني منذ أكثر من عامين من أزمة اقتصادية ، وذلك بسبب تفاوت الطبقات الاجتماعية وتآكل الطبقة الوسطي .
إلا أنه لايزال الروبل والذي قد عاود الارتفاع هذا العام منخفضًا بنسبة 32% ، ويعاني التذبذب منذ ذلك الحين ، وعليه قد فقد الروس الإهتمام بتقلبات العملة ، فيما احتفظ نحو 60% منهم بمدخراتهم البنكية بالعملة المحلية ، وكنتيجة طبيعية للتعويم فقد تراجعت معدلات التضخم ، وانخفض صافي تدفقات رأس المال ، وحوفظ علي الإحتياطي النقدي الروسي.

5-النيرة النيجيرية:-
جاء في يونيو 2015 خفض نيجيريا لعملتها المحلية ، هذا بعدما قادت هيمنة العملات الأجنبية في البلاد إلي هجمات مضاربة علي النيرة النيجيرية ، فقد كان يتم التداول بها في السوق السوداء بنسبة 50% أقل من سعرها الرئيسي ، قبلما يتم تخفيض العملة بنسبة 30% في ظل انخفاض حاد في احتياطات النقد الاجنبي إثر هبوط أسعار النفط ، مما أجبر المركزي علي تغيير سياسته النقدية بعد أشهر من محاولات باءت بالفشل في مواجهة الأزمة.

 إلا أنه للأسف لم تأت هذه الخطوة مرادها ، حيث فقدت العملة منذ يومها نحو 38% من قيمتها، ولم يتم جذب المستثمرين والاستثمارات ، بل انتقد المستثمرين بدورهم سياسات البنك المركزي ، والذي كان قد قام بتحكم جزئي ففي سعر الصرف ، فأصبح التداول يتم علي علي أضيق نطاق حيث كان 315 نيرة مقابل الدولار الواحد في أغسطس من العام ذاته ، هذا ولاتزال العملة المحلية يتم تداولها ولكن بتراجع نحو 20% في السوق السوداء، وقد دخل الاقتصاد النيجيري في مرحلة الركود حسبما أعلن رسميًا في سبتمبر 2016.

وكنتيجة طبيعية للركود الإقتصادى ، فقد تراجع سعر صرف النيرة النيجيرية أمام الدولار ، وعليه فقد ارتفع معدل التضخم الي 17% في يوليو الماضي ، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية إلي أدنى ى مستوياتها ، هذا ومازالت العملة النيجيرية تباع في السوق السوداء بسعر يقل بحوالي 20% عن سعره الرسمي.


6- الريال البرازيلي:-
كانت تجربة البرازيل قاسية ، حيث قررت في عام 1999 اتخاذ الخطوة ذاتها في ظل ظروف اقتصادية أكثر من صعبة .

وعليه فقد انخفضت قيمة الريال البرازيلي في ذلك الوقت بنسبة كبيرة ، وهو ما أدي إلي أرتفاع السلع المستوردة وزيادة التضخم ، وهو ما انعكس بشكل مباشر وسلبي علي الطبقات الكادحة والمتوسطة ، قبلما يعتدل سعر العملة البرازيلية في 2004 مع الاصلاحات الاقتصادية التي قام بها الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا ، لتتعزز قدرات البرازيل التنافسية.

7-الجنيه السودانى:
بدأ الأمر بعد اتخاذ المركزي لعدة قرارات ، بدأت بالتوقف عن توفير الدولار المدعوم لاستيراد الأدوية ، كما أعاد العمل بسياسة الحافز لأجتذاب النقد الأجنبي من السودانيين المغتربين .

كما قرر المركزي التوقف عن توفير الدولار لشركات استيراد الأدوية بسعر 7,5 مما يعني أن هذه الشركات ستلجأ إلي السوق الموازية للحصول علي الدولار الذي يبلغ حاليًا 15,9 جنيه.

8-الرينغيت الماليزى:
أعلن البنك المركزى في يوليو 2015، أن حكومة البلاد قررت التخلي عن سياسة ربط عملتها بالدولار الأمريكي واستعاضت عن الأمر بسياسة تحرير محكوم للعملة ، وتوقعت ألا يختلف سعر صرف الرينغيت بدرجة كبيرة عن مستواه الراهن.

وكان سعر صرف الرينغيت ثابت عند مستوي 3.8 للدولار منذسبتمبر 1998، عندما تقرر ذلك لمساعدة ماليزيا علي التعامل مع الأزمة المالية الآسيوية.

9- النايرا النيجيرية:
وفي نيجيريا توجهوا بدء تخفيض عملتها نظام الصرف المرن ، فقد قررت في يونيو الماضي المحلية عندما خفف صناع السياسة الضغوط السوقية وأوقفوا ربط العملة المحلية بالدولار خلال 16 شهر، مما جعل سعر العملة في السوق السوداء يقل بنسبة 50% عن السعر الرسمي ، حتي تم رفع القيود وهبطت العملة بحوالي 30% في ذلك الوقت ، ولم تنخفض منذ ذلك الحين إلا بحوالي 10% فقط حتي الآن.

وعلي الرغم من بعض النجاح الذي حققته نيجيريا في قراراتها إلا أن المستثمرين الأجانب استجابوا ببطء ، ومازالت العملة النيجيرية تباع في السوق السوداء بسعر يقل بحوالي 20% عن السعر الرسمي.

10-الدرهم المغربي
تعد المملكة المغربية من أبرز الدول العربية التي سجلت تجربة مميزة في الإطار.

ففي أواخر سبتمبر من العام 2015، قرر بنك المغرب اتخاذ اجراءات لتعويم “الدرهم المغربي”، بعد قرار الملك محمد السادس، وبالتنسيق بين وزارة المالية وصندوق النقد الدولي.

إلا أن تحرير سعر العملة في المغرب لم يكن على مرحلة واحدة، فقد بدأت بتعويم العملة تدريجيًا، عبر وضع حد أدنى وأقصى لسعر الصرف، ثم التدخل في حالة تجاوزه.

وانتقلت بعد ذلك إلى خطوة التعويم الحر، القائم على ترك تحديد قيمة الدرهم وفقًا للعرض والطلب.

المميز في التجربة المغربية، هو أن قرار تعويم العملة جاء بعد تأمين البنك المركزي وجود زيادة كافية في قيمة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بلغ ما نسبته 14.4%.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مستقبل الذهب

إن سعر الذهب في عالم اليوم مرتبط وثيقا بالكثير من العوامل المختلفة من حيث درجة الوضوح ومن حيث الفترة الزمنية، ، أي هناك الكثير من العو...