الاثنين، 26 فبراير 2018

مستقبل الذهب



إن سعر الذهب في عالم اليوم مرتبط وثيقا بالكثير من العوامل المختلفة من حيث درجة الوضوح ومن حيث الفترة الزمنية، ، أي هناك الكثير من العوامل التي تحكم سعر الذهب، ، والواقع ان هناك علاقة بين قوة اوراق البنكنوت وبين الذهب، ، أي مدى قوة عملة الدولة ومدى تغطيتها بالذهب، او ببعض العملات الاخرى غير المتغيرة، ، والجدير بالذكر انه متى ازدادت الثقة فان سعر الذهب ينخفض، والعكس صحيح،



ومن العوامل المتغيرة التي تلعب دورا مهما في تحديد اسعار الذهب، الاضطرابات السياسية، سواء على المستوى المحلي لدولة ما أو على المستوى العالمي، ، حيث ان عدم الاستقرار الذي يشعر به الناس في حالة الاضطرابات السياسية او الحروب تجعل الناس في حالة من الفزع والرعب، وبالتالي يفضلون عدم التفريط بما في حوزتهم من ذهب، ، وهذا بدوره يؤدي الى ارتفاع اسعار الذهب ارتفاعا كبيرا، ، حيث يقل جانب العرض ويزيد جانب الطلب، ، وفي المقابل فان الاستقرار السياسي مؤشر هام لانخفاض اسعار الذهب،
وهناك علاقة بين أسعار الذهب وكميات الذهب التي ينتجها العالم فالمعروف ان زيادة الانتاج يؤدي الى خفض الاسعار، ، الا ان في حالة الذهب، ، فان انخفاض الأسعار العالمية يمارس دورا هاما في استخراج الذهب، ، لان اهم العوامل التي يعتمد عليها إنتاج الذهب هو تكلفة استخراج أونصة الذهب، ، والنسبة بين سعر أونصة الذهب عالميا وتكلفة استخراجها تقريبا ثابتة وستظل كذلك في المستقبل،
اما في حالة زيادة التكلفة لاسباب فنية مثل ازدياد عمق مناجم الذهب، ، ففي هذه الحالة يمكن ان تتغير العلاقة بين السعر وتكلفة الاستخراج، ، وبدون شك فان ذلك يمكن ان يحدث في المستقبل البعيد، ، والمعروف ان مناجم جنوب افريقيا وحدها تنتج من 45% 50% من اجمالي كميات الذهب المستخرجة من سائر دول العالم، ، وقد قدر اجمالي الانتاج على مر العصور حتى عام 1985 بحوالي 85، 3 بليون أونصة،
اما جانب الطلب على الذهب فإنه له شقان اساسان:
الأول: شق تجاري، بمعنى استخدامات الذهب في الاغراض التجارية والصناعية والطبية،
الثاني: مالي، ، وعلى مر التاريخ فمعروف ان الذهب هو رمز للثراء والعظمة، ، وصكت منه بعد ذلك العملات والنقود،
ثم تعددت استخداماته الصناعية بحلول القرن العشرين، فدخل في كثير من الصناعات الهندسية والالكترونية والطبية، ، والواقع ان الصناعة وحدها تستأثر بحوالي 60% «حوالي 800 طن» من انتاج الذهب العالمي، تستخدم حوالي 80% منها «أي من 800 طن» في صناعة المجوهرات والاسنان، وبعض الاغراض الطبية الاخرى، ، وبالنسبة المتبقية بعد ذلك تدخل في صناعة الالكترونيات والصناعات الهندسية والكهربائية المختلفة، ، اما بالنسبة المتبقية والتي تبلغ 40% فهي توزع كما يلي:
20% للبنوك المركزية باعتبارها فائضا نقديا، 20% تذهب الى القطاع الخاص وبعض الشركات المساهمة،
معنى ماتقدم ان عوامل العرض والطلب هي التي تحدد السعر العالمي للذهب، ، ورغم اختلاف هذه العوامل وبعضها واضح والأخير غير واضح، الا ان هناك بعض النقاط الجديرة بالاعتبار وهي كالتالي:
ارتباط الذهب القوي بالعملات في الدول الكبرى، ، فان سعر الذهب في الأسواق العالمية لايختلف كثيرا عن بعضها البعض، ، الا في حالات الهزات العنيفة للنقد في بعض الدول الكبرى،
إن اسعار الذهب في معظم الأسواق العالمية متقاربة الى حد ما الا أن الأسعار تزداد وتنخفض تبعا للأحداث العالمية وخاصة السياسية أي ان عدم الاستقرار يؤدي الى ارتفاع الأسعار،
إن مستقبل الذهب يتوقف على ارباح انتاجه، والتي تتحدد بعاملين هما السعر والتكلفة، ، فالمستقبل البعيد قد يشهد ارتفاعا في التكاليف وبالتالي تغير في العلاقة بين تكلفة استخراج الأونصة من الذهب وسعرها،
إن جانب الطلب يحتوي على الكثير من الاستخدامات الصناعية والطبية، ، وان صناعة الحلي والاستخدامات الطبية يمثلان النسبة الغالبة للطلب على الذهب،
وعلى مر التاريخ كان هناك أدلة قرآنية لاهمية الطلب على الذهب، ، ان الله سبحانه هو الذي رفع شأن الذهب واعلى قدره وجعله سيد المعادن، ، والآيات كثيرة منها بسم الله الرحمن الرحيم «زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام و الحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب»(آل عمران الآية 14)،
ويقول جل شأنه «إن الله يدخل الذين آمنو اوعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير» (الحج، ، الآية 23)،
أي أن الذهب سيظل سيد المعادن الى ان يرث الله الارض ومن عليها، ،
فاذا كان الناس هم الذين سيدوا الذهب على بقية المعادن كما ينادي البعض بذلك فلا بد ان يأتي يوم ينزل هذا المعدن عن عرشه، ، ولكن الحقيقة ان الذهب سيظل سيد المعادن بنص القرآن لانه متاع الدنيا وجزاء لعباده المتقين في الآخرة، ، أي أن ارادة الله سبحانه وتعالى ان تتمايز جميع مخلوقاته حتى في عالم الأحجار ودنيا المعادن،
أوضح رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية بالرياض الأستاذ عبدالرحمن الجريسي ان الغرفة ستواصل في الفترة المقبلة تحقيق المزيد من المنافع لمنتسبيها والاسهام بشكل داعم في الاقتصاد الوطني وكذلك زيادة نطاق الدراسات المتخصصة لرصد وتحليل التطورات والاستفادة من التقنيات المستحدثة في المعلومات لتطوير الغرفة على أسس واقعية،
الجريسي يواصل حديثه للجزيرة مقدما الجديد فيما يختص بالقطاع الخاص عامة والغرفة التجارية خاصة،

السبت، 17 فبراير 2018

تعرّف على أذكى 8 أطفال في العالم.. إنجازاتهم ستدهشك!


تعرّف على أذكى 8 أطفال في العالم.. إنجازاتهم ستدهشك!


SOCIAL MEDIQ
من أجل تأمين مستقبل أفضل لأطفالهم، يُقدم الآباء على التضحية كثيراً وإنفاق كل ما يملكونه، ويبحثون باستمرار عن الطرق التي ستضمن لهم ذلك المستقبل.
وبسبب تلك الرعاية، يوجد في العالم الكثير من الأطفال الذين اخترعوا أجهزة وتخصصوا في علوم لا يقدم أغلب الناس على استيعابها.
من هم أذكى الأطفال في هذا العالم؟ إلى أي حد بإمكان العالم الاستفادة منهم؟ هذا السؤالان هما ما يُحاول موقع Brilliant.org الإجابة عليه.
المديرة التنفيذية لموقع brilliant.org سيو كيم، تبحث بشكل مستمر على مثل هؤلاء، وتؤمن حسب موقع Business Insider، بأن السياسيين حول العالم يهتمون فقط بـ 20% من الأطفال، كما يتم تجاهل أفضل 10% منهم.
وتقول كيم إن دور موقعها هو اكتشاف الأطفال العباقرة، ومساعدتهم على تطوير أنفسهم والتعريف بهم لدى كبار المدرسين والمؤسسة التعليمية.
موقع Brilliant.org يعطي الإمكانية لأي شخص بأن يفتح فيه حساباً، والإجابة على مسائل في الرياضيات والعلوم تصبح أصعب تدريجياً على شكل أولمبياد أسبوعي. وقد شارك إلى الآن في ذلك الأولمبياد أكثر من 70 ألف شخص من 155 دولة، اكتشفت كيم من بينهم هؤلاء الأطفال العباقرة:

1- فويب تساي.. محللة البيانات


تبلغ طالبة الثانوية الأميركية تساي 15 عاماً، وهي منخرطة في أبحاث جماعية، وتشتغل كمساعدة تحليل بيانات لمشروع بحثي في المدرسة الطبية بجامعة بينسلفينيا.
في الخريف الماضي، حصلت تساي على الميدالية الذهبية في أولمبياد الرياضات الخاص بالفتيات من معهد ماساشوستس الأميركي للتكنولوجيا، كما تأهلت إلى أولمبياد الرياضيات الذي سينظم هذه السنة على مستوى أميركا كلها.
تريد تساي - وهي عضو في فريق “ليهاي فالي” الذي فاز بالمرتبة الأولى في مسابقة الرياضيات في جامعة برينستون عام 2012 -، تريد أن تدرس العلوم في الكلية، كما تتمنى أن تكمل مسارها حتى تحصل على شهادات عليا في نفس المجال.
fwybtsaa

2- ديلان توه.. مهووس بالرياضيات


منذ الصغر والطفل السينغافوري ديلان يحس بعطش للمعرفة لا يرتوي، ضجر من مناهج الرياضيات التي تدرس في مدرسته، فدخل إلى المكتبات المحلية من أجل تحدٍّ أكبر.
وافقت وزارة التعليم السنغافورية، بعد تأكدها من نباغة ديلان، على تسريع دروس الرياضيات التي يتلقاها في المدرسة، وأحضرت له أستاذاً للتعليم الثانوي من أجل تدرسيه مستويات أعلى، وهو لا يتجاوز عمره الـ 12 سنة.
وجد ديلان موقع Brilliant.org بينما يبحث على الانترنت عن تحدياتٍ جديدة في حل المسائل الرياضية، وقد وفر له الموقع، بعد التأكد من موهبته، مؤطراً من جامعة ميشيغان الأميركية، الذي قال عنه فيما بعد “إن قدرة ديلان على تقديم أفكاره هائلة وستسبب له الكثير من الحساد”.
يهتم ديلان أيضاً، إلى جانب الرياضيات، بالروبوتات وتنس الطاولة، حيث يشارك في مسابقاتها ببلده سنغافورة.
dylantwh

3- تيداووس آبيي غيتاشو


يعيش تيداووس ذو الـ17 عاماً في مدينة بول، القريبة من العاصمة الإيثيوبية أديس أبابا، وقد تمكن رفقة أصدقاء له من تنظيم معرض لتطوير الـ Cognitosoft، وهو برنامج كمبيوتر يهدف إلى تعريف الطلاب في المناطق النائية في إثيوبيا بعلوم الحاسوب والفيزياء والرياضيات، باستعمال لغاتهم المحلية.
حصل تيداووس على درجة 99% في الامتحان الوطني بإثيوبيا، ويسعى إلى متابعة دراسته في مجال علوم الحاسوب والرياضيات.
tydawwsaabyyghytashw

4- انديرجيت كور.. صانعة الروبوت


تبلغ انديرجيت من العمر 16 عاماً، وتتابع دراستها في مركز “بوسات بيرماتابرنتار” الذي يوضع فيه الطلبة النابغون والطلبة الأذكياء من كل مناطق ماليزيا.
ترأست إنديرجيت فريقاً في عدة مسابقات ناجحة للروبوتات في بلادها، ونالت الميدالية الذهبية في القمة العالمية للروبوتات وأجهزة الاستشعار الذكية في العام 2012، بعد أن صنعت روبوتاً يؤدي دور مربية الأطفال يقوم بوظائف عديدة كهز الطفل في أرجوحة، أو الاتصال بالآباء عند صراخ الطفل.
تتابع انديرجيت الآن دراستها في علم الأعصاب بالجامعة الأميركية في ماليزيا، وهي مستمرة بأعمالها في مجال صناعة الروبوتات.
indyrjytkwr

5- جوي هودي.. كومبيوتر الطاقة الشمسية


في عمر الـ 16، كان جوي قد التقى برئيس بلاده وفاز بالعديد من الجوائز لإنجازاته العلمية الكبيرة، ومن بينها صناعة كومبيوتر يشتغل بالطاقة الشمسية.
وأطلق جوي قبل مدة مشروعاً جديداً يهدف إلى الربح من ورائه، حيث بدأ في تسويق دروع قام بصنعها لبيعها على الانترنت، وهو الآن ينهي دراسته الثانية في الرياضيات والعلوم في أكاديمة “هيربيرغر” للعلماء الشباب بجامعة أريزونا الأميركية، وفي نفس الوقت يتابع دروسه في التعليم السريع بسبب نباغته، والذي سيتخرج منه السنة القادمة.
يأمل جوي في أن يقدم من خلال اختراعاته مثلاً لتشجيع الأطفال الآخرين على الاشتغال في مجالات الهندسة، واعتبارها وسيلة أخرى للمتعة، كما يهدف إلى أن يكون مهندس كهرباء قريباً.
jwyhwdy

6- نور محمد شفيع الله.. بطل أولمبياد الرياضيات


فاز شفيع الله بالعديد من مسابقات الرياضيات في بنغلادش، كما هو أصغر بنغلادشي يتمكن من بلوغ نهائيات الأولمبياد العالمي للرياضيات والمعلوميات.
في سنة 2012، فاز شفيع الله بالميدالية البرونزية في الأولمبياد العالمي للرياضيات المنظم في الأرجنتين، كما حصل على مدار 3 سنوات متتالية على أعلى معدل في نفس المسابقة وطنياً.
شفيع البالغ من العمر 15 سنة، يشرف على مسابقة وطنية للرياضيات على الانترنت تنظم في بنغلادش، ويُخطط لمتابعة دراسته الجامعية في الخارج بعد تخرجه من الثانوية، ويرغب في متابعة دراسته علوم الحاسوب والأحياء.
nwrmhmdshfyallh

7- كينسن شي.. مطوّر التطبيقات


فاز الطالب الأميركي كينسن في مارس/آذر 2012 بالجائزة الوطنية في مسابقة شركة Siemens الخاصة بالعلوم والتكنولوجيا، عن مشاركته في بحث علمي كان لإيجاد طريقة أكثر فعالية في حركة الروبوتات والرسوم المتحركة وتصاميم اللعب.
حصل ذو الـ 7 أعوام على المركز السادس في مسابقة علمية نظمتها شركة Intel، كما نافس أيضاً على أولمبياد الرياضيات في الولايات المتحدة الأميركية.
يحب كينسن كثيراً العزف على البيانو، وفاز مرتين في الاختبارات الوطنية الخاصة بها، والتي تنظمها نقابة أساتذة البيانو في أميركا.
يقود هذا الشباب الآن بحثاً في مختبرات جامعة تيكساس، ويُخطط للتخصص في علوم الكمبيوتر بجامعة ستانفورد.
kynsnshy

8- راغاف سود.. المولع بالتطبيقات


علم راغاف نفسه أنظمة البرمجة HTML وCSS و Javascript عندما كان عمره 9 سنوات، واشتغل على تطوير الشبكات قبل أن يُركز أكثر على منصات الهواتف.
في عمر الـ 15، أسس شركة Appaholics LLC، كما نشر في يوليو/تموز 2012 أول كتاب له عن تطوير أنظمة الأندرويد.
يتابع راغاف الآن دراسته في الصف العاشر بمدرسة خاصة بالموهوبين في العلوم بالهند، ونشر العديد من تطبيقات الأندرويد والبلاكبيري، كما تمت دعوته للمشاركة في مؤتمر جوجل السنوي لمطوري التطبيقات ربيع هذه السنة.
يهتم هذا الطفل بالفيزياء والرياضيات والروبوتات والتصوير، ويخطط لإتمام دراسته في مجال الذكاء الصناعي.
raghafswd

كيف سقطت الدولة العثمانية


الدولة العثمانية لم تسقط بسبب ضعف قدراتها الحربية و الدفاعية و لكن بسبب الثأمر الداخلي و الخارجي و طعنات الاصدقاء قبل الأعداء و من هنا يجب أن نستفيد نحن الشعوب من هذا التاريخ و نستعرض في هذا التقرير كيف ثم إسقاط الدولة العثمانية.
الجمعيات السريَّة (التركية والعربية): عملت الجمعيات السرية التي برزت آنذاك كلها لإسقاط الخلافة، وكان أصحاب هذه الجمعيات جماعات من المعجبين بالنظام الغربي، وكان لهذه الجمعيات كلها اتصال بالمحافل الماسونية الغربية، ومنها بعض الجمعيات التي اتخذت العنف وسيلة لها لتحقيق مطالبها، فألهبت الثورات في البلاد.

ومن أخطر هذه الجمعيات السرية؛ جمعية تركيا الفتاة (العثمانيون الجُدد) وجمعية الشبيبة العثمانية.
وجمعية تركيا الفتاة (أو العثمانيون الجدد) جماعة معجبون بالنظام الغربي أمثال: مدحت باشا وحسين عوني، وكمال بك وسعيد باشا وأحمد رضا بك و أنور باشا، وسيأتي الكلام عن هؤلاء بالتفصيل.

يعتبر أحمد رضا بك هو مؤسس جمعية تركيا الفتاة، والذي وضع لائحتها الإِصلاحية. وكانت هذه الجمعية - كما أسلفنا - على اتصال بالمحافل الماسونية الغربية، وكان عندهم أهداف لإِسقاط الخلافة وسلطنة آل عثمان ليحل محلهم الدستور كما في الغرب.

يقول عنهم السلطان عبد الحميد في مذكراته: (هؤلاء الذين أطلقوا على أنفسهم اسم تركيا الفتاة كانوا في الأصل ثلاثة أشخاص أو خمسة، وهؤلاء عملوا ضدي عدة سنوات في أوروبا، تكلَّموا، وخطَّطوا، وكتبوا، كل ذلك قبل أن يفكروا أن العمل ضدي معناه العمل ضد الوطن، كانت صحفهم التي يصدرونها تأتي خفية إِلى البلاد عن طريق البريد الإجنبي، وتوزع بواسطة الأجانب.

رغم هذا فإِنني كنت على صلة بهم... وحتى لا يتورَّطوا في شيء نتيجة لإِفلاسهم- وهم في بلاد أجنبية- فقد بذلت لهم مساعدات مادية كثيرة بحجّة شراء صحفهم، وغمضت عيني عن إِرسال بعض الأشخاص للنفوذ إِلى البلاد؛ لكي لا يكونوا أداة للأجانب، وكنت أقول: إِن معارضتهم - رغم خطئها - فإِنها يجب أن تظل شريفة).

ولقد كانت جمعية (تركيا الفتاة) موضع شبهات منذ وقت مبكِّر إِذ اتُهمت بأنها جمعية يهودية، وأن أعضاءها لم يكونوا أتراكاً ولا مسلمين، غير أن الأستاذ (برنارد لويس) العالم اليهودي الشهير، وأحد المستشرقين الذين أسهموا بنصيب وافر في دراسة التاريخ والحضارة الإِسلامية - يعترض على هذه التُّهم ويدافع عن جمعية الاتحاد والترقي (تركيا الفتاة) ولا يخفي إِعجابه بها لأنها مهدت الطريق لتركيا الحديثة، تركيا العلمانية الكمالية!.

ويقول(فيليب جويفز) مراسل صحيفة التايمز البريطانية في إستانبول قبيل نشوب الحرب العالمية الأولى: (إِنّ اليهود نشطوا في العهد الجديد (نظام الاتحاديين) وألمانيا، وكان مركزهم الرئيس في سالونيك، وهي في الوقت ذاته مركز نشاط جمعية الاتحاد والترّقي).
ويقول: (إن الحكومة البريطانية علمت في نهاية عام 1916م أن ألمانيا كانت تتجه إلى كسب تأييد الصهيونيين، مقابل عروض معينة تقدمها لهم، كما ترددت أقوال مؤداها أن (طلعت باشا) الصدر الأعظم في تركيا (وهو أحد دعائم جمعية الاتحاد والترقي) اتصل بصهيونيين بارزين في الألمان والمحايدين انفس الغرض).

ولما حدث الانقلاب الذي قاده أنور بك لإعادة الحياة الدستورية إلى الدولة العثمانية في أوّل عام 1913م. كان الوزراء الذين تم تعيينهم في وزارة (محمود شوكت) الصدر الأعظم، هم الوزراء الذين جاؤوا إلى الحكم عن طريق انقلاب (أنور بك) منهم ثلاثة صهاينة:
أولهم: باتزاريا أفندي، ناظر النافعة (يعني وزير الأشغال) وكان رئيس تحرير (جون تورك- تركيا الفتاة) وجون تورك جريدة صهيونية.
ثانيهم: نسيم مازلياح، ناظر التجارة والزراعة (يعني وزير التجارة والزراعة) وهو مبعوث أزمير الإسرائيلي سابقاً، ومفوّض الجمعية الصهيونية.
ثالثهم: جاويدبك، وزير المالية والذي وُصف أيضاً بأنه صهيوني.

وحول هذا الأمر كتبت عنه- أيضاً - مجلة المنار (ج2 مجلد 6/2/1913 ص156، ص 157): ومما جاء مصدقاً لسوء ظننا في جمعية الاتحاد والترقي أنها جعلت في وزارتها الجديدة ثلاثة وزراء من حزب اليهود الصهيونيين وجعلت في أيديهم نظارة النافعة ونظارة الزراعة والتجارة، أي ينابيع الثروة في البلاد، وعندما صار الأمر في أيدي أعضاء الاتحاد والترقي رُفعت القيود عن الهجرة اليهودية.

وأعضاء جمعية تركيا الفتاة: هم الذين قاموا بثورتهم عام 1908م وعزلوا السلطان عبد الحميد عام 1909م وأسقطوا الخلافة عام 1924م.

وأما جمعية الشبيبة العثمانية: وهي جمعية سِّرية قامت على نمط الجمعيات السِّرِّية الإيطالية (الكاربوناري) (وهي كبرى جمعيات المقاومة السرية في إِيطاليا، حملت شعاراتها المحافل الماسونية الإِيطالية والكاربوناري تعني (تحرير الوطن)).

وقد تشكلت جمعية الشبيبة العثمانية في إستانبول عام 1865م وكان من أهدافها السعي للوصول بالبلاد العثمانية إلى نمط من أشكال الحكم الأوروبية والعلمانية.
وقد ازداد عدد أفرادها بعد عام 1867م من ستة أعضاء إلى 245 عضواً، من بينهم الشاعر التركي الشهير نامق كمال.

حازت جمعية الشبيبة العثمانية على الدعم المادي من قبل الأمير المصري (مصطفى فاضل) واسترعت انتباه بعض الأفراد العثمانيين، وبعد فرض الحَظر على نشاطاتها التخريبية من قبل الوزير العثماني عالي باشا أرست دعائمها في باريس، حيث بدأ الاحتكاك المباشر بين أفرادها والمجتمع الغربي، وفي كثير من الأحيان تهرب جريدتها (الحرية) الداعية إلى حكم دستوري داخل البلاد التركية (وطبعاً لا يكون ذلك إلا بالتخلص من الخلافة ودولة الخلافة).

وحينما عاد بعض قادتها البارزين أمثال مصطفى فاضل ونامق كمال إلى العاصمة؛ ضعف نشاطها وفقدت حيوتها خاصة بعد إعلان العفو العام إثر وفاة عالي باشا، ورجوع المبدعين من أعضائها إلى البلاد العثمانية، ولم يبق إلا بعض الأعمال الفردية لبعض الشخصيات أمثال نامق كمال، وضياء باشا كوك ألب، الذي كان يعد أحد منظّريها.

ومن هذه الجمعيات السرية أيضا: جمعية (العربية الفتاة): أُنشئت في باريس عام 1911م وكانت هي المقابل لجمعية (تركيا الفتاة) عند العرب، ولكنها - رغم تشابه ظروف النشأة وطبيعة النشاط والأهداف، ومع وفرة وزيادة الطاقات العربية على التركية - أخفقت في الوصول إلى نفس النتائج التي حقّقتها جمعية تركيا الفتاة، رغم أنّ أفرادها أصابوا حظاً كبيراً من التنعُّم بالحُكم والمناصب في معظم البلدان العربية.
وكانت اللائحة الداخلية لجمعية (العربية الفتاة): [إن الأمة العربية في مؤخرة الأمم، اجتماعياً واقتصادياً وسياسة؛ فوجب على قادة نابتتها المدركين أن يبذلوا حياتهم فيما ينهض بها من هذا التأخّر، ويدبروا فيما يؤول إلى ترقيها لتدرك معنى الحياة وتحتفظ بحقوقها الطبيعية].

وعلى هذا المبدأ الأساسي تعاهد فريق من النابتة العربية في أوروبا في الرابع من شهر تشرين الثاني عام 1909 على القيام بما تفرضه عليهم الوطنية لتعزز بهم مركزها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، حسب ما تتطلبه طبيعة الوجود.
وكانت خطّتهم كالآتي:
المواد الأساسية:
-       تُدعى هذه الجمعية (جمعية العربية الفتاة) وغايتها النهوض بالأمة العربية إلى مصاف الأمم الحية.

-       الجمعية مؤلفة بمعونة كل فرد من أفرادها على سبيل التضامن الاجتماعي، كما أنّ كل فرد مضطر لنصرة أخيه على سبيل التضامن الإفرادي.

-       كل عضو يأتمر بقرارات اللجنة العليا، ولو كانت عليه وخلافاً لإرادته.

-       

تشكيلات الجمعية:
-       اللجنة العليا وتتكون من سبعة أعضاء لهم القول الفصل.

-       مجلس الشورى تنتخبه اللجنة العليا.

-       السَّواد الأعظم؛ أعضاء الجمعية.

مؤسِّسوها:
-       (عرب- فرنسا): جميل مردم، صبحي الحسيني، مصطفى الشهابي، توفيق فايد، إِبراهيم حيدر، توفيق السّويدي.

-       (عرب- الأستانة- الشام): سيف الدين الخطيب، محب الدين الخطيب، رفيق رزق سلوم، يوسف مخيبر حيدر، رشيد الحسامي، توفيق البسيط، عارف الشهابي، عمر حمد، وآخرين.


وأظن أن هؤلاء كان هدفهم عظيماً، ولكنهم كانوا يظنون أنهم لن يصلوا إِليه إِلا بالعمل ضد دولة الخلافة، إِذ هي العقبة في طريقهم كما يزعمون، وعلى كل حال فقد كانت هذه الجمعية أقل خطراً من غيرها، وأعظم أخطائهم أنهم انخدعوا ببعض الوعود التي لم يتم منها شيء، وكانوا يرون أن الاستقلال عن دولة الخلافة فيه النهضة لبلادهم!


ومن هذه الجمعيات السرية؛ جمعية النهضة اللبنانية، وقد كان جميع أعضاء جمعية النهضة اللبنانية مسيحيين لبنانيين، وبعضهم يعمل لخدمة فرنسا بهدف إِخراج لبنان وسورية من الدولة العثمانية، وإِقامة حكومة فيها تحت حماية فرنسا.

وكان لأعضائها نشاط سياسي بالتعاون مع الأحزاب والحركات العربية الأخرى التي تعمل بهدف الاستقلال.

تأسَّست الجمعية في جبل لبنان الذي كان خارج نطاق السُلطة العثمانية.

وكان مؤسّسوها من آل الخازن، وكان من أعضاء فرعها في بيروت: دعيبس المُرّ وخليل زينية ويوسف الغليوني، وكان فرع مصر رئيسه اسكندر عمون، ومن أعضائه: داود عمون، وفرع باريس رئيسه شكري غانم، ومن أعضائه خير الله والكونت حريصاني وزوين الخوري، وفرع أمريكا رئيسه نعوم مكرز.

وكان كل هؤلاء من أكبر آمالهم أن تستولي فرنسا على البلاد الشامية (!).
وكان من أهداف الجمعية إِلحاق بيروت بلبنان وتوسيع حدوده إِلى البقاع، كما كان من غاياتها التمهيد لفرنسا في سورية بالذات.

ومن هذه الجمعيات السرية؛ جمعية سورية الفتاة؛ أسَّسها جميل معلوف، ويوسف شديد، وعيسى الخوري، وجماعة.
ومن مبادئها السعي لاستقلال سورية بحدودها الطبيعية وفصل السلطة الدينية عن السلطة المدنية فصلاً تاماً، وتوحيد طريقة التعليم في أنحاء سورية كافة من رأس العقبة إِلى عريش مصر.

ومن هذه الجمعيات السرية؛ جمعية الحلقات الذهبية، وقد اتخذت هذه الجمعية لنفسها شكل رابطة أدبية سياسية اتبعت في دستورها الطريقة الماسونية من حيث السِّرِّيَّة.

عُرف منتسبوها باسم الحرّاس، وكانت الخطب السياسية التي تُلقى في محافلها تحريضية، تحُثّ السُّوريين على الثورة ضد الحكم العثماني، وكان جميع أعضائها ماسونيين على غرار باقي الجمعيات السِّرِّيَّة.

وكان جبران خليل جبران صاحب النشاط السِّرِّي الكبير في الجمعيات التخريبية، والسياسي الذي تنقل في أكثر من موقف من المشاركين في تأسيسها، وتسلم رئاستها. وكتب مبادئها بخط يده، وكان الأكثر ثورية من سائر أعضائها.

ومن أنواع التآمر على الدولة العثمانية بروز النعرات العرقية؛ مثل:
الدعوة للطورانية والتتريك العنصري، وقد برزت الدعوة للطورانية وسائر القوميات والنعرات العصبية بهدف فتح ثغرات في جدار القوة الإِسلامية الصامدة.

والطورانية دعوى قومية تدعو إِلى إِحياء العصبية التركية التي هي قومية جاهلية أسطورية، تعصب لها بعض الأتراك المعروفين بعدائهم الشديد للإِسلام ولدولة الخلافة، إِذ راودتهم فكرة إِسقاط الخلافة ففكّروا في الدعوة للقومية التركية والانفصال عن العالم العربي تعصّباً لبني (طوران) الأب الأسطوري للأتراك.
ماضية، فنذكر من هذا التآمر أيضا:
الجمعيات السريَّة (التركية والعربية): عملت الجمعيات السرية التي برزت آنذاك كلها لإسقاط الخلافة، وكان أصحاب هذه الجمعيات جماعات من المعجبين بالنظام الغربي، وكان لهذه الجمعيات كلها اتصال بالمحافل الماسونية الغربية، ومنها بعض الجمعيات التي اتخذت العنف وسيلة لها لتحقيق مطالبها، فألهبت الثورات في البلاد.

ومن أخطر هذه الجمعيات السرية؛ جمعية تركيا الفتاة (العثمانيون الجُدد) وجمعية الشبيبة العثمانية.
وجمعية تركيا الفتاة (أو العثمانيون الجدد) جماعة معجبون بالنظام الغربي أمثال: مدحت باشا وحسين عوني، وكمال بك وسعيد باشا وأحمد رضا بك و أنور باشا، وسيأتي الكلام عن هؤلاء بالتفصيل.

يعتبر أحمد رضا بك هو مؤسس جمعية تركيا الفتاة، والذي وضع لائحتها الإِصلاحية. وكانت هذه الجمعية - كما أسلفنا - على اتصال بالمحافل الماسونية الغربية، وكان عندهم أهداف لإِسقاط الخلافة وسلطنة آل عثمان ليحل محلهم الدستور كما في الغرب.

يقول عنهم السلطان عبد الحميد في مذكراته: (هؤلاء الذين أطلقوا على أنفسهم اسم تركيا الفتاة كانوا في الأصل ثلاثة أشخاص أو خمسة، وهؤلاء عملوا ضدي عدة سنوات في أوروبا، تكلَّموا، وخطَّطوا، وكتبوا، كل ذلك قبل أن يفكروا أن العمل ضدي معناه العمل ضد الوطن، كانت صحفهم التي يصدرونها تأتي خفية إِلى البلاد عن طريق البريد الإجنبي، وتوزع بواسطة الأجانب.

رغم هذا فإِنني كنت على صلة بهم... وحتى لا يتورَّطوا في شيء نتيجة لإِفلاسهم- وهم في بلاد أجنبية- فقد بذلت لهم مساعدات مادية كثيرة بحجّة شراء صحفهم، وغمضت عيني عن إِرسال بعض الأشخاص للنفوذ إِلى البلاد؛ لكي لا يكونوا أداة للأجانب، وكنت أقول: إِن معارضتهم - رغم خطئها - فإِنها يجب أن تظل شريفة).

ولقد كانت جمعية (تركيا الفتاة) موضع شبهات منذ وقت مبكِّر إِذ اتُهمت بأنها جمعية يهودية، وأن أعضاءها لم يكونوا أتراكاً ولا مسلمين، غير أن الأستاذ (برنارد لويس) العالم اليهودي الشهير، وأحد المستشرقين الذين أسهموا بنصيب وافر في دراسة التاريخ والحضارة الإِسلامية - يعترض على هذه التُّهم ويدافع عن جمعية الاتحاد والترقي (تركيا الفتاة) ولا يخفي إِعجابه بها لأنها مهدت الطريق لتركيا الحديثة، تركيا العلمانية الكمالية!.

ويقول(فيليب جويفز) مراسل صحيفة التايمز البريطانية في إستانبول قبيل نشوب الحرب العالمية الأولى: (إِنّ اليهود نشطوا في العهد الجديد (نظام الاتحاديين) وألمانيا، وكان مركزهم الرئيس في سالونيك، وهي في الوقت ذاته مركز نشاط جمعية الاتحاد والترّقي).
ويقول: (إن الحكومة البريطانية علمت في نهاية عام 1916م أن ألمانيا كانت تتجه إلى كسب تأييد الصهيونيين، مقابل عروض معينة تقدمها لهم، كما ترددت أقوال مؤداها أن (طلعت باشا) الصدر الأعظم في تركيا (وهو أحد دعائم جمعية الاتحاد والترقي) اتصل بصهيونيين بارزين في الألمان والمحايدين انفس الغرض).

ولما حدث الانقلاب الذي قاده أنور بك لإعادة الحياة الدستورية إلى الدولة العثمانية في أوّل عام 1913م. كان الوزراء الذين تم تعيينهم في وزارة (محمود شوكت) الصدر الأعظم، هم الوزراء الذين جاؤوا إلى الحكم عن طريق انقلاب (أنور بك) منهم ثلاثة صهاينة:
أولهم: باتزاريا أفندي، ناظر النافعة (يعني وزير الأشغال) وكان رئيس تحرير (جون تورك- تركيا الفتاة) وجون تورك جريدة صهيونية.
ثانيهم: نسيم مازلياح، ناظر التجارة والزراعة (يعني وزير التجارة والزراعة) وهو مبعوث أزمير الإسرائيلي سابقاً، ومفوّض الجمعية الصهيونية.
ثالثهم: جاويدبك، وزير المالية والذي وُصف أيضاً بأنه صهيوني.

وحول هذا الأمر كتبت عنه- أيضاً - مجلة المنار (ج2 مجلد 6/2/1913 ص156، ص 157): ومما جاء مصدقاً لسوء ظننا في جمعية الاتحاد والترقي أنها جعلت في وزارتها الجديدة ثلاثة وزراء من حزب اليهود الصهيونيين وجعلت في أيديهم نظارة النافعة ونظارة الزراعة والتجارة، أي ينابيع الثروة في البلاد، وعندما صار الأمر في أيدي أعضاء الاتحاد والترقي رُفعت القيود عن الهجرة اليهودية.

وأعضاء جمعية تركيا الفتاة: هم الذين قاموا بثورتهم عام 1908م وعزلوا السلطان عبد الحميد عام 1909م وأسقطوا الخلافة عام 1924م.

وأما جمعية الشبيبة العثمانية: وهي جمعية سِّرية قامت على نمط الجمعيات السِّرِّية الإيطالية (الكاربوناري) (وهي كبرى جمعيات المقاومة السرية في إِيطاليا، حملت شعاراتها المحافل الماسونية الإِيطالية والكاربوناري تعني (تحرير الوطن)).

وقد تشكلت جمعية الشبيبة العثمانية في إستانبول عام 1865م وكان من أهدافها السعي للوصول بالبلاد العثمانية إلى نمط من أشكال الحكم الأوروبية والعلمانية.
وقد ازداد عدد أفرادها بعد عام 1867م من ستة أعضاء إلى 245 عضواً، من بينهم الشاعر التركي الشهير نامق كمال.

حازت جمعية الشبيبة العثمانية على الدعم المادي من قبل الأمير المصري (مصطفى فاضل) واسترعت انتباه بعض الأفراد العثمانيين، وبعد فرض الحَظر على نشاطاتها التخريبية من قبل الوزير العثماني عالي باشا أرست دعائمها في باريس، حيث بدأ الاحتكاك المباشر بين أفرادها والمجتمع الغربي، وفي كثير من الأحيان تهرب جريدتها (الحرية) الداعية إلى حكم دستوري داخل البلاد التركية (وطبعاً لا يكون ذلك إلا بالتخلص من الخلافة ودولة الخلافة).

وحينما عاد بعض قادتها البارزين أمثال مصطفى فاضل ونامق كمال إلى العاصمة؛ ضعف نشاطها وفقدت حيوتها خاصة بعد إعلان العفو العام إثر وفاة عالي باشا، ورجوع المبدعين من أعضائها إلى البلاد العثمانية، ولم يبق إلا بعض الأعمال الفردية لبعض الشخصيات أمثال نامق كمال، وضياء باشا كوك ألب، الذي كان يعد أحد منظّريها.

ومن هذه الجمعيات السرية أيضا: جمعية (العربية الفتاة): أُنشئت في باريس عام 1911م وكانت هي المقابل لجمعية (تركيا الفتاة) عند العرب، ولكنها - رغم تشابه ظروف النشأة وطبيعة النشاط والأهداف، ومع وفرة وزيادة الطاقات العربية على التركية - أخفقت في الوصول إلى نفس النتائج التي حقّقتها جمعية تركيا الفتاة، رغم أنّ أفرادها أصابوا حظاً كبيراً من التنعُّم بالحُكم والمناصب في معظم البلدان العربية.
وكانت اللائحة الداخلية لجمعية (العربية الفتاة): [إن الأمة العربية في مؤخرة الأمم، اجتماعياً واقتصادياً وسياسة؛ فوجب على قادة نابتتها المدركين أن يبذلوا حياتهم فيما ينهض بها من هذا التأخّر، ويدبروا فيما يؤول إلى ترقيها لتدرك معنى الحياة وتحتفظ بحقوقها الطبيعية].

وعلى هذا المبدأ الأساسي تعاهد فريق من النابتة العربية في أوروبا في الرابع من شهر تشرين الثاني عام 1909 على القيام بما تفرضه عليهم الوطنية لتعزز بهم مركزها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، حسب ما تتطلبه طبيعة الوجود.
وكانت خطّتهم كالآتي:
المواد الأساسية:
-       تُدعى هذه الجمعية (جمعية العربية الفتاة) وغايتها النهوض بالأمة العربية إلى مصاف الأمم الحية.

-       الجمعية مؤلفة بمعونة كل فرد من أفرادها على سبيل التضامن الاجتماعي، كما أنّ كل فرد مضطر لنصرة أخيه على سبيل التضامن الإفرادي.

-       كل عضو يأتمر بقرارات اللجنة العليا، ولو كانت عليه وخلافاً لإرادته.

-       

تشكيلات الجمعية:
-       اللجنة العليا وتتكون من سبعة أعضاء لهم القول الفصل.

-       مجلس الشورى تنتخبه اللجنة العليا.

-       السَّواد الأعظم؛ أعضاء الجمعية.

مؤسِّسوها:
-       (عرب- فرنسا): جميل مردم، صبحي الحسيني، مصطفى الشهابي، توفيق فايد، إِبراهيم حيدر، توفيق السّويدي.

-       (عرب- الأستانة- الشام): سيف الدين الخطيب، محب الدين الخطيب، رفيق رزق سلوم، يوسف مخيبر حيدر، رشيد الحسامي، توفيق البسيط، عارف الشهابي، عمر حمد، وآخرين.


وأظن أن هؤلاء كان هدفهم عظيماً، ولكنهم كانوا يظنون أنهم لن يصلوا إِليه إِلا بالعمل ضد دولة الخلافة، إِذ هي العقبة في طريقهم كما يزعمون، وعلى كل حال فقد كانت هذه الجمعية أقل خطراً من غيرها، وأعظم أخطائهم أنهم انخدعوا ببعض الوعود التي لم يتم منها شيء، وكانوا يرون أن الاستقلال عن دولة الخلافة فيه النهضة لبلادهم!


ومن هذه الجمعيات السرية؛ جمعية النهضة اللبنانية، وقد كان جميع أعضاء جمعية النهضة اللبنانية مسيحيين لبنانيين، وبعضهم يعمل لخدمة فرنسا بهدف إِخراج لبنان وسورية من الدولة العثمانية، وإِقامة حكومة فيها تحت حماية فرنسا.

وكان لأعضائها نشاط سياسي بالتعاون مع الأحزاب والحركات العربية الأخرى التي تعمل بهدف الاستقلال.

تأسَّست الجمعية في جبل لبنان الذي كان خارج نطاق السُلطة العثمانية.

وكان مؤسّسوها من آل الخازن، وكان من أعضاء فرعها في بيروت: دعيبس المُرّ وخليل زينية ويوسف الغليوني، وكان فرع مصر رئيسه اسكندر عمون، ومن أعضائه: داود عمون، وفرع باريس رئيسه شكري غانم، ومن أعضائه خير الله والكونت حريصاني وزوين الخوري، وفرع أمريكا رئيسه نعوم مكرز.

وكان كل هؤلاء من أكبر آمالهم أن تستولي فرنسا على البلاد الشامية (!).
وكان من أهداف الجمعية إِلحاق بيروت بلبنان وتوسيع حدوده إِلى البقاع، كما كان من غاياتها التمهيد لفرنسا في سورية بالذات.

ومن هذه الجمعيات السرية؛ جمعية سورية الفتاة؛ أسَّسها جميل معلوف، ويوسف شديد، وعيسى الخوري، وجماعة.
ومن مبادئها السعي لاستقلال سورية بحدودها الطبيعية وفصل السلطة الدينية عن السلطة المدنية فصلاً تاماً، وتوحيد طريقة التعليم في أنحاء سورية كافة من رأس العقبة إِلى عريش مصر.

ومن هذه الجمعيات السرية؛ جمعية الحلقات الذهبية، وقد اتخذت هذه الجمعية لنفسها شكل رابطة أدبية سياسية اتبعت في دستورها الطريقة الماسونية من حيث السِّرِّيَّة.

عُرف منتسبوها باسم الحرّاس، وكانت الخطب السياسية التي تُلقى في محافلها تحريضية، تحُثّ السُّوريين على الثورة ضد الحكم العثماني، وكان جميع أعضائها ماسونيين على غرار باقي الجمعيات السِّرِّيَّة.

وكان جبران خليل جبران صاحب النشاط السِّرِّي الكبير في الجمعيات التخريبية، والسياسي الذي تنقل في أكثر من موقف من المشاركين في تأسيسها، وتسلم رئاستها. وكتب مبادئها بخط يده، وكان الأكثر ثورية من سائر أعضائها.

ومن أنواع التآمر على الدولة العثمانية بروز النعرات العرقية؛ مثل:
الدعوة للطورانية والتتريك العنصري، وقد برزت الدعوة للطورانية وسائر القوميات والنعرات العصبية بهدف فتح ثغرات في جدار القوة الإِسلامية الصامدة.

والطورانية دعوى قومية تدعو إِلى إِحياء العصبية التركية التي هي قومية جاهلية أسطورية، تعصب لها بعض الأتراك المعروفين بعدائهم الشديد للإِسلام ولدولة الخلافة، إِذ راودتهم فكرة إِسقاط الخلافة ففكّروا في الدعوة للقومية التركية والانفصال عن العالم العربي تعصّباً لبني (طوران) الأب الأسطوري للأتراك.

تزعّم هذه الدعوة جماعة من البارزين أمثال ضياء بك كوك ألب - رغم أنه كُردي- الذي عُرف بفيلسوف الطورانية؛ الذي تزعَّم؛ زرع الشقاق وتزعّم؛ الدعوة للطورانية عامة، وأمثال: توفيق فكرة؛ الشاعر الطوراني الملحد، ومحمد نامق كمال بك الذي تحول من كاتب إِسلامي إِلى داعية للطورانية.

وعندما هيمنت الطورانية على مقاليد الأمور في الدولة العثمانية، تزعّم أفراد من الأقليات الحركات القومية، وبرزت بعض الأسماء منها: مكرم عبيد القبطي، وفارس الخوري البروستانتي وشكيب أرسلان الدرزي (!) وجورج أنطونيوس الآرثوذوكسي.

ولقد تصدَّى بعض الشخصيات البارزة – آنذاك - لهذه الدعوة وحاربوها أمثال شاعر الإِسلام محمد عاكف الذي يُعدّ خصم الطورانية الأول.

اعتنق الدعوة الطورانية قادة الأتراك الاتحاديين بهدف إِحياء العصبية التركية والجمع بين العناصر التركية التترية والشعوب المنتمية إِليها كالشعب البلغاري وشعوب القوقاز وبعث النزعة العسكرية في الأتراك.

يقول مراسل شركة (سنترال نيوز) عام 1916م: (في خلال بضع السنوات الأخيرة بدت في بلاد تركيا طلائع حركة جديدة تعرف بنهضة بني (طوران) أو الطورانية، وغرضها هدم المدنية الإِسلامية وإِحياء العصبية التركية على أنقاضها، والجمع بين العناصر التركية التترية والشعوب المنتمية إِليها، ومنها الأمة البلغارية، أما القائمون بهذه الحركة فهم قوم مشهورون بعدائهم للإِسلام، وتعصبهم عليه، وكثيرًا ما يجاهرون بأقوالهم وكتاباتهم بذلك الكُرْه، بحجة أن الإِسلام يسعى لقتل العصبية القومية ويحول دون نشوء المدنية التركية، ولذلك فهم يسعون لجعل الجنسية التركية مستقلة عن الإِسلام كل الاستقلال، ومما يقولونه أيضاً أن الإِسلام لا محلّ له في المدنية، ولا يمكن أن يعيش طويلاً إِلا إِذا أُدخلت عليه تنقيحات عديدة، تلائم المذاهب التركية القوميّة (!).

ولهذه النهضة وجهتان؛ إِحداهما أدبية، والأخرى سياسية.
فغاية الوجهة الأولى تمجيد الشعوب الطورانية ونشر تاريخها المجيد!. وغاية الوجهة الثانية القضاء على العصبية العربية!.

فجنكيز خان - في نظرهم- هو نموذج لموك ورجال السياسة، فكل مملكة ينشؤونها يجب أن تقوم على المثال الذي رسمه، وأما العرب - في نظرهم - فهم مصيبة على الأتراك، ولذا يجب القضاء عليهم، أو إِدماجهم في العنصر التركي، حتى ينسى العالم تاريخهم وتقاليدهم وأما لغتهم فلابد من محوها، وإِحلال اللغة التركية محلها في كل صقع وناد.

وحقيقة القول إِن الدعوى والحركة الطورانية لم تكن تحمل في طيّاتها بذور العداء للعرب فحسب، بل كانت جسورة على الطعن في الإِسلام والكيد له.

ولقد وجدت هذه الدعوى – كالعادة - عند الغرب صدىّ وفرحاً، فقد دعت إنكلترا لهذه الفتنة وبذلت في سبيلها الكثير والكثير.
وعمل جماعة من المضلّلين فكرياً من الكتّاب البارزين- آنذاك- في تركيا أمثال ضياء كوك ألب وعمر سيف الدين وخالدة أديب، وناظم حكمت وتوفيق فكرت ونامق كمال وغيرهم من الذين أنعشوا الفكرة القومية، وعظم خطرهم جداً على العقل التركي لا سيما بعد أن ألغى مصطفى كمال أتاتورك الحروف العربية، وأحل الحروف اللاتينية منذ عام 1928م.

وكان إِبراهيم شناسي أول أديب تركي اعتنق الماسونية وتأثر بمبادىء الثورة الفرنسية، ونظم شعراً في امتداح رشيد باشا الماسوني الذي أعد جيل قادة الاتحاد والترقي فيما بعد.

وفي عهد السلطان عبد العزيز (1860م) بدأت تركيا الفتاة ورجالها الماسونيين بإِنتاج الأدب المقاوم للسُلطة العثمانية، ومن أشهر الأعلام في ذلك العهد الماسوني ضياء كوك ألب الذي تأثر بعالم الاجتماع اليهودي(دور كهايم).

ومن أشهر منظري الطورانية (موثير كوهين) اليهودي الذي اتخذ اسماً مستعاراً هو (تكين ألب) على عادة الدونمة في اتخاذ أسماء إِسلامية لإِخفاء يهوديتهم.

ومن أشهر الكُتَّاب الذين دعوا للطورانية الشاعر محمد أمين تلميذ الأفغاني، والقصّاص عمر سيف الدين، والكاتب الملحد عبد الله جودت.

عظمت حركة التتريك ونشطت، وبدأت نشر المقالات والمطبوعات والمؤلفات باللغة التركية في مختلف الولايات بعد سقوط السلطان عبد الحميد الثاني.

ولقد شملت حركة التتريك التي نفّذها الاتحاديون كل التآليف في شتى المجالات، ولكن ظل الأتراك العثمانيون حكومة وشعباً مرتبطين بفكرة الجامعة الإِسلامية بعيداً عن الشعور بالقومية التركية.

وكان الاتحاديون قد عملوا على ابتعاد الكلمات العربية وغيرها من اللغة التركية وأحلّوا محلّها ألفاظاً من اللغة الأوروبية (وهذا يؤكد لك أن العملية ليست عملية تعصب للتركية فحسب، بل كُرْه لكل ما هو عربي، بدليل إِحلال بعض الكلمات الأوروبية محل بعض الكلمات العربية) ونشروا مقالات وبحوثاً تثبت فضل الأتراك على الدِّين والأدب والثقافة، وطردوا العرب من الوظائف الكبرى التي شغلوها في أيام حكم السلطان عبد الحميد الثاني، بل اتّجهوا نحو فرض اللغة التركية وعجمتها على العرب، وأصبحت اللغة التركية رسمياً هي لغة الدولة ولغة التعليم، حتى لقد كان النحو العربي يُعلّم باللغة التركية في مدارس الشام(!).

ولقد احتج أحد الأتراك – حينئذ - على أن العرب لم يأخذوا اللغة التركية إِلى الحد الذي ينسيهم لغتهم العربية فقال: ( إِن العرب مايزالون يتحدثون بلغتهم ويجهلون اللغة التركية جهلاً تاماً كأنهم ليس تحت الحكم التركي، ومن واجب الدولة أن تنسيهم لغتهم (!!) وتجبرهم على تعلّم لغة الأمّة التي تحكمهم (!!) وإِذا لم ينس العرب لغتهم وتاريخهم وعاداتهم، عملوا على إِثارة القلاقل والمتاعب (!!!!).

ومما قاله ضياء باشا كوك ألب: (الذين يبغون اللغة العربية فليذهبوا إِلى بلاد العرب، والذين يبغون اللغة الفرسية فليرحلوا إِلى إِيران، والذين يبغون اللغة الأفرنجية فليذهبوا إِلى بلاد الفرنجة، فإِن كل من لايدرك هذه الحقيقة فهو جاهل، نحن أتراك فينبغي أن تكون لنا لغة تركية).

كما قامت دعوة عارمة للبحث عن كلمات تركية أصيلة لتحلّ محلّ الكلمات العربية والفارسية المستعملة في الكتابات الأدبية والعلمية، وبَلَغ تعصّب الاتحاديين ضد الكلمات العربية والفارسية حداً غريباً، لأنهم صاروا يرون استعمال بعض الكلمات الأفرنجية عوضاً عن الكلمات العربية التي كانت تستعمل من قبل.

والذي يرجّحه بعض الباحثين حول هذه القضية أن محاربة الأتراك للغة العربية لم يكن بداع من نزعتهم القومية، ولكن بمساندة أوروبا لا سيما إنجلترا التي وقف رئيس وزرائها (جلاد ستون) خلال عهد السلطان عبد الحميد الثاني - في مجلس الوزراء رافعاً المصحف بيده مخاطباً زملاءه بقوله: (ما دام هذا الكتاب في أيدي المسلمين يتدارسونه ويقبلون على العناية به، فلن تقوم لنا قائمة، فلا بد من العمل على انتزاع هذا الكتاب من عقولهم وقلوبهم) .

ولذلك عمل (دانلوب) على عزل الأزهر عن التعليم، وعمل اللورد (كرومر) على إِنشاء مدارس جديدة تفتح الدولة أوسع المجالات لخرّيجيها، بينما تغلق الأبواب في وجوه خريجي الأزهر وأمثاله من المدارس والجامعات الإِسلامية، وتعمّد (دانلوب) تخفيض أجر مُدرِّس اللغة العربية أو الشريعة الإسلامية، ورفع مرتبات مدرسي باقي المواد، كما عمد إِلى تأخير حصص اللغة والدِّين إِلى نهاية الجدول الدراسي، وعمل على تشويه المنهج وتحريف الكتب الدراسية بما يخدم الأغراض الاستعمارية، فأصبح الطلبة ينظرون إِلى جرأة (مصطفى كمال أتاتورك) في إِلغاء الخلافة على أنها حركة (إِصلاحية) كما يصفون عبد الحميد في حفاظه على الشريعة بالرّجعيّة ويعتبرون تلامذة الغرب الذين تجسَّسوا على الدولة العثمانية أبطالاً، وتآمرهم مع الدول الاستعمارية حركات ثورية، وعمّ ذلك سائر البلدان الإِسلامية.

ومما تجدر الإِشارة إِليه- في نهاية الكلام عن الطورانية ونزعة التتريك - أنّ النزعة الطورانية ومحاولات التتريك من الأمور التي كانت سبباً في ثورة الأكراد ضد تركيا
تزعّم هذه الدعوة جماعة من البارزين أمثال ضياء بك كوك ألب - رغم أنه كُردي- الذي عُرف بفيلسوف الطورانية؛ الذي تزعَّم؛ زرع الشقاق وتزعّم؛ الدعوة للطورانية عامة، وأمثال: توفيق فكرة؛ الشاعر الطوراني الملحد، ومحمد نامق كمال بك الذي تحول من كاتب إِسلامي إِلى داعية للطورانية.

وعندما هيمنت الطورانية على مقاليد الأمور في الدولة العثمانية، تزعّم أفراد من الأقليات الحركات القومية، وبرزت بعض الأسماء منها: مكرم عبيد القبطي، وفارس الخوري البروستانتي وشكيب أرسلان الدرزي (!) وجورج أنطونيوس الآرثوذوكسي.

ولقد تصدَّى بعض الشخصيات البارزة – آنذاك - لهذه الدعوة وحاربوها أمثال شاعر الإِسلام محمد عاكف الذي يُعدّ خصم الطورانية الأول.

اعتنق الدعوة الطورانية قادة الأتراك الاتحاديين بهدف إِحياء العصبية التركية والجمع بين العناصر التركية التترية والشعوب المنتمية إِليها كالشعب البلغاري وشعوب القوقاز وبعث النزعة العسكرية في الأتراك.

يقول مراسل شركة (سنترال نيوز) عام 1916م: (في خلال بضع السنوات الأخيرة بدت في بلاد تركيا طلائع حركة جديدة تعرف بنهضة بني (طوران) أو الطورانية، وغرضها هدم المدنية الإِسلامية وإِحياء العصبية التركية على أنقاضها، والجمع بين العناصر التركية التترية والشعوب المنتمية إِليها، ومنها الأمة البلغارية، أما القائمون بهذه الحركة فهم قوم مشهورون بعدائهم للإِسلام، وتعصبهم عليه، وكثيرًا ما يجاهرون بأقوالهم وكتاباتهم بذلك الكُرْه، بحجة أن الإِسلام يسعى لقتل العصبية القومية ويحول دون نشوء المدنية التركية، ولذلك فهم يسعون لجعل الجنسية التركية مستقلة عن الإِسلام كل الاستقلال، ومما يقولونه أيضاً أن الإِسلام لا محلّ له في المدنية، ولا يمكن أن يعيش طويلاً إِلا إِذا أُدخلت عليه تنقيحات عديدة، تلائم المذاهب التركية القوميّة (!).

ولهذه النهضة وجهتان؛ إِحداهما أدبية، والأخرى سياسية.
فغاية الوجهة الأولى تمجيد الشعوب الطورانية ونشر تاريخها المجيد!. وغاية الوجهة الثانية القضاء على العصبية العربية!.

فجنكيز خان - في نظرهم- هو نموذج لموك ورجال السياسة، فكل مملكة ينشؤونها يجب أن تقوم على المثال الذي رسمه، وأما العرب - في نظرهم - فهم مصيبة على الأتراك، ولذا يجب القضاء عليهم، أو إِدماجهم في العنصر التركي، حتى ينسى العالم تاريخهم وتقاليدهم وأما لغتهم فلابد من محوها، وإِحلال اللغة التركية محلها في كل صقع وناد.

وحقيقة القول إِن الدعوى والحركة الطورانية لم تكن تحمل في طيّاتها بذور العداء للعرب فحسب، بل كانت جسورة على الطعن في الإِسلام والكيد له.

ولقد وجدت هذه الدعوى – كالعادة - عند الغرب صدىّ وفرحاً، فقد دعت إنكلترا لهذه الفتنة وبذلت في سبيلها الكثير والكثير.
وعمل جماعة من المضلّلين فكرياً من الكتّاب البارزين- آنذاك- في تركيا أمثال ضياء كوك ألب وعمر سيف الدين وخالدة أديب، وناظم حكمت وتوفيق فكرت ونامق كمال وغيرهم من الذين أنعشوا الفكرة القومية، وعظم خطرهم جداً على العقل التركي لا سيما بعد أن ألغى مصطفى كمال أتاتورك الحروف العربية، وأحل الحروف اللاتينية منذ عام 1928م.

وكان إِبراهيم شناسي أول أديب تركي اعتنق الماسونية وتأثر بمبادىء الثورة الفرنسية، ونظم شعراً في امتداح رشيد باشا الماسوني الذي أعد جيل قادة الاتحاد والترقي فيما بعد.

وفي عهد السلطان عبد العزيز (1860م) بدأت تركيا الفتاة ورجالها الماسونيين بإِنتاج الأدب المقاوم للسُلطة العثمانية، ومن أشهر الأعلام في ذلك العهد الماسوني ضياء كوك ألب الذي تأثر بعالم الاجتماع اليهودي(دور كهايم).

ومن أشهر منظري الطورانية (موثير كوهين) اليهودي الذي اتخذ اسماً مستعاراً هو (تكين ألب) على عادة الدونمة في اتخاذ أسماء إِسلامية لإِخفاء يهوديتهم.

ومن أشهر الكُتَّاب الذين دعوا للطورانية الشاعر محمد أمين تلميذ الأفغاني، والقصّاص عمر سيف الدين، والكاتب الملحد عبد الله جودت.

عظمت حركة التتريك ونشطت، وبدأت نشر المقالات والمطبوعات والمؤلفات باللغة التركية في مختلف الولايات بعد سقوط السلطان عبد الحميد الثاني.

ولقد شملت حركة التتريك التي نفّذها الاتحاديون كل التآليف في شتى المجالات، ولكن ظل الأتراك العثمانيون حكومة وشعباً مرتبطين بفكرة الجامعة الإِسلامية بعيداً عن الشعور بالقومية التركية.

وكان الاتحاديون قد عملوا على ابتعاد الكلمات العربية وغيرها من اللغة التركية وأحلّوا محلّها ألفاظاً من اللغة الأوروبية (وهذا يؤكد لك أن العملية ليست عملية تعصب للتركية فحسب، بل كُرْه لكل ما هو عربي، بدليل إِحلال بعض الكلمات الأوروبية محل بعض الكلمات العربية) ونشروا مقالات وبحوثاً تثبت فضل الأتراك على الدِّين والأدب والثقافة، وطردوا العرب من الوظائف الكبرى التي شغلوها في أيام حكم السلطان عبد الحميد الثاني، بل اتّجهوا نحو فرض اللغة التركية وعجمتها على العرب، وأصبحت اللغة التركية رسمياً هي لغة الدولة ولغة التعليم، حتى لقد كان النحو العربي يُعلّم باللغة التركية في مدارس الشام(!).

ولقد احتج أحد الأتراك – حينئذ - على أن العرب لم يأخذوا اللغة التركية إِلى الحد الذي ينسيهم لغتهم العربية فقال: ( إِن العرب مايزالون يتحدثون بلغتهم ويجهلون اللغة التركية جهلاً تاماً كأنهم ليس تحت الحكم التركي، ومن واجب الدولة أن تنسيهم لغتهم (!!) وتجبرهم على تعلّم لغة الأمّة التي تحكمهم (!!) وإِذا لم ينس العرب لغتهم وتاريخهم وعاداتهم، عملوا على إِثارة القلاقل والمتاعب (!!!!).

ومما قاله ضياء باشا كوك ألب: (الذين يبغون اللغة العربية فليذهبوا إِلى بلاد العرب، والذين يبغون اللغة الفرسية فليرحلوا إِلى إِيران، والذين يبغون اللغة الأفرنجية فليذهبوا إِلى بلاد الفرنجة، فإِن كل من لايدرك هذه الحقيقة فهو جاهل، نحن أتراك فينبغي أن تكون لنا لغة تركية).

كما قامت دعوة عارمة للبحث عن كلمات تركية أصيلة لتحلّ محلّ الكلمات العربية والفارسية المستعملة في الكتابات الأدبية والعلمية، وبَلَغ تعصّب الاتحاديين ضد الكلمات العربية والفارسية حداً غريباً، لأنهم صاروا يرون استعمال بعض الكلمات الأفرنجية عوضاً عن الكلمات العربية التي كانت تستعمل من قبل.

والذي يرجّحه بعض الباحثين حول هذه القضية أن محاربة الأتراك للغة العربية لم يكن بداع من نزعتهم القومية، ولكن بمساندة أوروبا لا سيما إنجلترا التي وقف رئيس وزرائها (جلاد ستون) خلال عهد السلطان عبد الحميد الثاني - في مجلس الوزراء رافعاً المصحف بيده مخاطباً زملاءه بقوله: (ما دام هذا الكتاب في أيدي المسلمين يتدارسونه ويقبلون على العناية به، فلن تقوم لنا قائمة، فلا بد من العمل على انتزاع هذا الكتاب من عقولهم وقلوبهم) .

ولذلك عمل (دانلوب) على عزل الأزهر عن التعليم، وعمل اللورد (كرومر) على إِنشاء مدارس جديدة تفتح الدولة أوسع المجالات لخرّيجيها، بينما تغلق الأبواب في وجوه خريجي الأزهر وأمثاله من المدارس والجامعات الإِسلامية، وتعمّد (دانلوب) تخفيض أجر مُدرِّس اللغة العربية أو الشريعة الإسلامية، ورفع مرتبات مدرسي باقي المواد، كما عمد إِلى تأخير حصص اللغة والدِّين إِلى نهاية الجدول الدراسي، وعمل على تشويه المنهج وتحريف الكتب الدراسية بما يخدم الأغراض الاستعمارية، فأصبح الطلبة ينظرون إِلى جرأة (مصطفى كمال أتاتورك) في إِلغاء الخلافة على أنها حركة (إِصلاحية) كما يصفون عبد الحميد في حفاظه على الشريعة بالرّجعيّة ويعتبرون تلامذة الغرب الذين تجسَّسوا على الدولة العثمانية أبطالاً، وتآمرهم مع الدول الاستعمارية حركات ثورية، وعمّ ذلك سائر البلدان الإِسلامية.

ومما تجدر الإِشارة إِليه- في نهاية الكلام عن الطورانية ونزعة التتريك - أنّ النزعة الطورانية ومحاولات التتريك من الأمور التي كانت سبباً في ثورة الأكراد ضد تركيا

مستقبل الذهب

إن سعر الذهب في عالم اليوم مرتبط وثيقا بالكثير من العوامل المختلفة من حيث درجة الوضوح ومن حيث الفترة الزمنية، ، أي هناك الكثير من العو...